Sabtu, 15 Mei 2010

Pandangan Ibn Taimiyah Pendidikan Islam

اَراء ابن تيمية في التربية الإسلامية

رسالة

مقدمة لكلية التربية

لتكملة شرط الحصول على درجة السرجانا في التربية

وضع

محمدنصرون

رقم التسجيل : 107210657


قسم التربية الإسلامية

كلية التربية – جامعة العقيدة الإسلامية

جاكرتا 1429هـ - 2008 م

اَراء ابن تيمية في التربية الإسلامية

رسالة

مقدمة لكلية التربية

لتكملة شرط الحصول على درجة السرجانا في التربية

وضع

محمدنصرون

رقم التسجيل : 107210657


تحت إشراف

( شفر الـد ين الماجستير )

قسم التربية الإسلامية

كلية التربية – جامعة العقيدة الإسلامية

جاكرتا 1429هـ - 2008 م

كلمة شكر و تقدير

الحمد لله المفقه من شاء من خلقه في الدين, والصلاة والسلام على من أرسله الله رحمة للعالمين, وسراجا منيرا للسائرين, وعلى اَله وصحبه الغر الميامين. وبعد.

وأشكرعلى من حملتني وهناعلى وهن, وربتني بالمودة ورحمة, وكفلتني بلا هلو, وعلمتني بلطف ولين, ووعظتني بحكمة بلا قسوة و شدة.

وأشكر على من سهل جميع أموري, من إخواني وأخواتي, وجميع أسرتي, وأصدقائي, الذين شجعوني في إتمام هذه الدراسة.

و أشكر على فضيلة مدير الجامعة و فضيلة المشرف الإستاذ شفرالدين,س.أغ, م.أ. على إرشادته السمينة وعلى الممتحنين, كما أشكره على جميع المدرسين الذين علموني بإخلاص وصبر. عسى الله ان يجعل في مزان حسناته يوم القيامة.

وأرجو العفو والتوفيق من الله.

جاكرتا, 31 مايو 2008 م.

الطالب

مـحـمـد نـصـرون

محتويات الرسالة

تصديق لجنة الامتحان ............................................1

كلمة الشكر والتقدير ..............................................2

محتويات الرسالة .................................................3

الباب الأول : المقدمة

المقدمة ......................................................... 5

أ‌. خلفية المشكلة ............................................ 7

ب‌. تحديد المشكلة .......................................... 8

ج. غرض البحث .............................................. 8

د. طريقة البحث ............................................. 9

هـ.خطة البحث ............................................. 10

الباب الثاني : حياة شيخ الإسلام ابن تيمية

أ.الحالة الإجتماعية في عصر ابن تيمية .......................... 11

ب. ولادته ونشأته .............................................. 11

ج. شيوخه وتلاميذه ............................................. 15

د. مؤلفاته ....................................................... 16

هـ. ثناه العلماء عنه ............................................ 20

و. وفاته ......................................................... 21

الباب الثالث : مفهوم التربية الإسلامية

أ. مفهوم التربية .............................................. 23

ب. مفهوم الإسلام .............................................. 25

ج. أهداف التربية الإسلامية .................................... 27

د. مصادر التربية الإسلامية ................................... 35

الباب الرابع : اَراء ابن تيمية في التربية الإسلامية

أ. أهم الأراء التربية عند إبن تيمية ............................... 44

ب. طرق التربية وأساليـبها عند ابن تيمية ........................ 45

ج. المنهج الدراسي عند ابن تيمية ................................. 46

الباب الخامس : الخاتمه

أ.الخلاصة......................................................... 53

ب. الاقتراحات .................................................... 59

المصادر والمراجع ................................................. 60

الباب الأول

مقدمة

الحمد لله الذي أبان للعباد منهج التربية القويمة في قرآنه المجيد، وأوضح للعالمين مبادئ الخير والهدي والإصلاح في أحكام شرعه الحنيف.

والصلاة والسلام على سيدنا محمد الذي بعثه الله للإنسانية مؤدباً، وأنزل عليه تشريعا يحقق للبشرية أسمى آيات عزها ومجدها، وأعظم غايات سؤددها، ومكانتها، ورفعتها واستقرارها، وعلى آله أصحابه الطيبين الأطهار، الذين أعطوا الأجيال المتعاقبة نماذج فريدة في تربية أبناء المسلمين وتكوين الأمم، وعلى من نهج نهجهم، واقتفى أثرهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد؛

الإسلام شريعة الله للبشر, أنزلها لهم ليحققوا عبادته في الأرض, وإن العمل بهذه الشريعة ليقتضي تطوير الإنسان وتهذيبه, حتى يصلح لحمل هذه الأمانة وتحقيق هذه الخلافة, وهذا التطوير والتهذيب هو التربية الإسلامية كما أشارالله ذلك في قوله : إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا[1]

فلا تحقيق لشريعة الإسلام إلا بتربية النفس والجيل والمجتمع, على الإيمان بالله ومراقبة والخضوع له وحده, ومن هنا كانت التربية الإسلامية فريضة في أعناق جميع الأباء والمعلم, وأمانة يحمل الجيل للجيل الذي بعده. ويؤديها المربون للناشئين, وكان الويل لمن يخون هذه الأمانة أو ينحرف بها عن هدفها, أو يسيء تفسيرها, أو مغير محتواها.

إنها تربية الإنسان على أن يحكم شريعة الله في جميع أعماله وتصرفاته ثم لا يجد حرجا فيما حكم الله ورسوله, بل ينقاد مطيعا لأمر الله ورسوله, قال تعالى : فلا وربك لايؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلم تسليما[2]

والإنسان معرض للشر والخسران لا ينفقده منها إلا الإيمان بالله واليوم الأخرة, والعمل الصالح, والتعاون, والتواصي بالحق, والتواصي بالصبر على أحقاق الحق ومحاربة الباطل, قال الله تعالى : والعصر. إن الإنسان لفي خسر. إلا الذين أمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر[3]

رأى ابن تيمية أن التربية الإسلامية لها أهداف يربط بها المسلم, وهي أهدف تشمل فرد ية الأمة والعالم, وهي كما يلي :

1. إعداد وتربية الفرد المسلم المؤتمر بأوامر الله نعالى المنتهي عن نواهيه, وفهم مقاصد الرسول صلى الله عليه وسلم في أمره ونهيه وسائر كلامه.

ب. تكوين الأمة الإسلامية والعناية ببنائها بناءً متكاملا, وتـتـسـم معه الأمة بالوسطية والخيرية والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والأصالة, والتوافق بين المظاهر المادية والمعنوية, تستلهم قوتها وعزتها من إيمانها يخالقها.

ج. الدعوة إلى الإسلام في العالم : أي السعي لتحقيق العالمية الإسلام, فهو الرسالة الحضارية التي ينبغي أن تحملها الأمة إلى العالم بأسره وتشعر بمسؤلياتها إزاءة فهذا ما يبقى للحضارة حيوبتها وازدهارها, وكيما تؤتي التربية ثمارها فلا بد من : التكامل بين هذه الأهداف فلا يستقيم الوقوف عند إعداد الفرد المسلم دون اهتمام ببناء الأمة المسلمة, والدعوة إلى عالم الإسلام.

أ. خلفية المشكلة

اشتد وطيس المعركة في الأوانة الأخيرة بين الإسلام والتيارات المعادية له والتي تألفت رغم تنافرها وتجمعت رغم ستاتها, بغية النيل من دين الله وإلحاق الخطر بالمنتمين للإسلام وتحقيق الهيمنة الكاملة على الدول الإسلامية ومقداراتها الساسية والإقتصادية.

ولقد صنعت التربية الإسلامية من خلال الثقة التي قدمها المسلمون الأوائل في منهجهم, وبالتضحية التي قدموها من أنفسهم, وبما حوته تلك التربية من عناية بالفرد والمجتمع على السواء, وبما اتسمت به من توازن كانت معه العناية بالجسم والنفس, وبالخلق والعطفة, وبالعقل والروح, وبالمئة والرجل جنبا إلى جنب, وبالصبر والكبير معا, وبالصحيح والسقيم سوياً.

لعلنا نستطيع الاَن بعد ما تقدم من دراسة اَراء ابن تيمية ومنهجه في التربية الإسلامية, وكذلك طريقته في الدعوة والجهاد, ومؤلفاته في بحث المسائل أما في العقيدة, والتشريع, والفقه, والتفسير, والثقافة, وغير ذلك.

أجمع المؤرخون على أن ابن تيمية كان واسع الاطلاع على العلوم التربية الإسلامية والعلوم الشريعة والعقلية, على حد سواء وكان يتوقد ذكاء, وسماعاته من الحديث كثير, وشيوخه أكثر من مائتي شيخ, ومعرفته بالتفسير اليها المنتهى, وحفظه للحديث ورجاله وصحته وسقمه فما يلحق فيه, فليس فيه نظير, وأما معرفته الملل والنحل والأصول والكلام فلا أعلم له فيه نظيراً, وأما معرفته بالسيرة والتاريخ فعجب عجيب.

وأما شجاعته وجهاده وإقدامه فأمر يتجاوز الوصف فإن ذكر التفسير فهو حامل لوائه وإن عدد الفقهاء فهو مجتهدهم المطلق, وان حضر الحفاظ نطق وخرسوا, وسرد وأبلسوا, واستغنى وأفلسوا.

ب. تحديد المشكلة

من خلفية المشكلة السابقة تنبثق كم من المشكلات ما ستبحث في هذه الرسالة العلمية وهي نحو ما تلي:

1. كيفية من حياة ابن تيمية ؟

2. ماهية التربية الإسلامية ؟

3. ماآراء ابن تيمية في التربية الإسلامية ؟

ج . غرض البحث

وما تطيبني من الأغراض في بحث هذه الرسالة العلمية هي نحو ما تلي:

1. لمعرفة صورة حياة ابن تيمية

2. كيفية التربية الإسلامية

4. لمعرفة أراء ابن تيمية في التربية الإسلامية

5. لتكملة شروط الحصول على الدرجة للسرجانا في التربية الإسلامية.

د. طريقة البحث

منهج البحث والخطوات المتبعة فيه :

إن المقصد الأساسي من كتابة هذا البحث، عرض ودراسة وتقديم صورة ومنهج التربوية الإسلامية والاستفادة العلمية مما وصل إليه العلماء والمفكرون الإسلاميون المعاصرون من ابتكاراتهم العلمية والمنهجية المستندة إلى منهج السلف خير الأمة.

ومن هنا، فيكون البحث موجها لتحقيق هذه الغاية الأساسية، استناداً إلى المنهج الاستقرائي، والمنهج النقدي التحليلي والتاريخي.

وهو وصف للظاهرة التي يريد دراستها كما هي في الواقع تماما وصفا دقيقا معتمدا على ما يجمعه من معلومات دقيقة عن الظاهرة سواء كانت هذه المعلومات كيفية أم كمية والعوامل المؤثرة فيها, من أهم أدوات هذا المنهج ووسائله : المقابلة والإستبانة والملاحظة, وجمع المعلومات. وفي سبيل تحقيق ذلك اتخذ الباحث الخطوات التالية:

1. دراسة مؤلفات في علوم التربية الإسلامية– قديمة وحديثة-

2. دراسة تاريخية لإمام ابن تيمية

3. اعتمد الباحث على الكتب التي ألفها ابن تيمية

4. دراسة الكتب على ما يتعل في التربية وما يتعلق عن الإسلام

اما بالنسة لطريقة كتابة هذه الرسالة فيعتمد الكاتب علي نظام كتابة الرسالة االتي قررته واصدرته جامعة العقيدة الإسلامية بجاكرتاوهو دليل كتابة الرسالة:

Metodologi Penelitian dan Tekhnik Penulisan Skripsi yang Diterbitkan Institut Agama Islam Al-Aqidah, Jln. Kayu Manis Barat No.99 tahun 2001 Jakarta Timur.

هـ. خطة البحث

وهذه الرسالة العلمية تنقسم إلى خمسة أبواب ولكل باب ينقسم إلى عديدة فصول وهي نحو ما تلي:

الباب الأول : مقدمة, وهذه تشمل خلفية المشكلة, تحديد المشكلة, غرض المشكلة, طريقة البحث و خطة البحث

الباب الثاني : حياة ابن تيمية, وهذه تتفرع إلى ولادته ونشأته وشيوخه وتلاميذه ومؤلفاته وثناه العلماء عنه و وفاته

الباب الثالث : مفهوم التربية الإسلامية, وتتفرع إلى مفهوم التربية ومفهوم الإسلام وأهداف التربية ومصادر التربية الإسلامية.

الباب الرابع : أراء ابن تيمية في التربية الإسلامية, ويتفرع إلى أهم الأراء التربية عند إبن تيمية ومفهوم التربية وأساليبها ومنهج التدريسي عند ابن تيمية

الباب الخامس : الخاتمة, وتتفرع إلى الخلاصة والاقتراحات

الباب الثاني : حياة شيج الإسلام ابن تيمية

أ.الحالة الإجتماعية في عصر ابن تيمية

كان المجتمع في عصر ابن تيمية مجتمع الإضطراب, والإختلا ط, والفوضى, التي لا تقف عند حد, وكيف لا يكون كذلك وقد تشابكت فيه الأمور, وتداخل فيه الحرب.

ومنها الحروب الصليبية, وفيها اختلاط عادات وتقاليد، اختلاط حضارة وثقافات، اختلاط ديانة ومعتقدات, ولا شك والحر قائمة, والرياح مشرعة, والسيوف تطيح بالرقاب. أخذ الغرب من عادات المسلمين ومعتمداتهم الشيئ الكثير, وتشربته بعض نفوسهم, فأصبح لكثير منهم – منهجا وسلوكا ولبعض نظام حياة.

وكذلك ماجاء به الغرب من تنظيمات للحرب والمسلم, من قوانين للتجارة والمعاملات, من أسس قيام الحياة الإجتماعية عندهم. اشرأبت إليه بعض النفوس في الشرق وجاء ت إلي مجتمعاتها الخاصة, وحياتها اليومية.[4]

ب. ولادته ونشأته

هو أحمد ين عبد الحليم اين محي الدين أبي البركات عبد السلام ابن أبي القاسم بن محمد بن الخضور بن علي بن عبد الله بن تيمية الحراني. ولد في العاشر من شهر ربيع الأول يوم الإثنين بحران من أعمال أورفة في تركية عام 661هـ أو 1263 م.

هاجر أبواه به وبإخواته إلي دمشق, تخلصا من ظلم التتار, عندما اغاروا علي بلاد الإسلام سنة 667 هـ. فساروا ليلا وهم يجرون عجلة كبيرة لعدم وجود الدواب, ولم يكن في هذه العربة مال أومتاع, بل فيها كتب خشوا عليها أن يحرقها هؤلاء الغزاة, أعداء العلم والحضارة. وقد توقف العجلة في الطريق وكاد العدو يلحق بهم فاستغاثوا بالله وابتهلوا إليه, فنجوا وسلموا بما معهم من الكتب.

نشأته في طلب العلم

وصل ابن تيمية إلى دمشق وسارع إلى حفظ القران وطلب العلوم على اختلاف أنواعها من كبار الأساتذة والمحدثين الذي أدهشهم بقوة ذهنه وفرط ذكائه, ولم يكد يبلغ من العمر بضعة عشر عاما حتى أتقن أصول الدين وحاز قصب السبق في التفسير والحديث واللغة.[5]

فإذا ما اتبهى من تلك المرحلة شهدته دار الحديث جالسا مصغيا إلي أقوال العلماء وهم يتناولون بالدرس والشرح المسانيد والسنن, وكتب الصحاح فسمع منهم مسند الإمام أحمد بن حنبل, وصحيح الإمام البخاري و صحيح الإمام مسلم, وجامع الإمام الترمذي, وسنن أبي داود السجستاني, والإمام النسائي, وسنن ابن ماجه و الدار قطني.

وسمع كله مرات ومرات. سمع من والده عالم العلماء, وسمعه من الشيخ النواوي عملاق العلماء, وسمعه من الشيخ دقيق العيد, ومن الشيخ المزي, والزملكاني وغيرهم الكثير.

ولقد كان بجوار دراسته للحديث وعلومه يدرس علوما أخرى كانت سائدة في عصره, ولا يستغني عنها العالم المتبحر في علوم الشريعة.

فدرس علوم الرياضة, ودرس علوم الجبر, وتبحرفي علوم المثلثات والفلق, ودرس علوم العربية, ودرس البيان والبديع, علم الإشتقاق والصرف وبرع في علم النحو براعة واضحة.

لقد كان طالبا ومعلما, وفاحصا وناقدا ودارسا لكل المعارف الإنسانية في عصره, ولم يحاول يقتصر على بعض العلوم دون بعض أو يتناول بعض المعارف ويترك بعضها.[6]

دخوله في السجن

لقد دخل ابن تيمية السجن ثلاث مرات :

الأولى : كانت في رمضان سنة 705 هـ عندما أدعى عليه زين الدين بن مخلوف -قاضى المالكية في ذلك الوقت- أنه يقول : إن الله فوق العرش حقيقة وإنه يتكلم بحرف وصوت.

وفي هذه المرة دافع عنه الأمير سلار حاكم القاهرة, وجمع القاة الثلاثة, الحنفي, والمالكي, والشافعيو وبعض الفقهاء, وتكلم معهمفي إخراج الشيخ من السجن وإطلاق سراحه.

ورأى الحاكم أن بقاء الشيخ في السجن لاينفع من الدين, وال العدل ولا الخلق. وكيف يحدث له ذلك, وهو الذي قاد الجموع, وحرك الجيوش, وتقدم للموت, وكان روح المقاومة العنيفة التي انتهت بالانتصار على التتار.

وتم فعلا إخراجه في 23 من ربيع الأول سنة 707 هـ بعد أن مكث في السجن نحو ثمانية عشر شهرا.

بعد خروجه من السجن, أراد ابن تيمية السفر إلى دمشق, ولطن الحاكم يستبقيه في القاهرة معززاً مكرومالينتفع الناس بعلمه.

الثانية : بقي الشيخ ابن تيمية في القاهرة, وأخذ يزاول نشاطه في خدمة الإسلام والمسلمين, يبصرهم بأمور دنياهم ويرشدهم إلي فهم دينهم.

ولقد كان للصوفية في ذلك الوقت سلطان قوي جداً, وكلمة نافذة, وقد أخذوا أنفسهم بمذهب وحدة الوجود, وهو المذهب الذي يوجد الواجد الموجود, والخالق والمخلوق.

رأى ابن تيمية ذلك فنزل باللائمة عليهم, وكشف ضلالهم, وفضح خداعهم وزيفهم. فلما رأى الصوفية ذلك جمعواجموعهم وساروا إلى القلعة يشكون ابن تيمية ومن وراَئهم اتباعهم.

وقد ضاقت الدولة ذرعا بذلك ةأحست أن الفوضى أخذتتدب في أنحاء البلاد نبيجة للشعب الذي يقوم به الصوفية فأرادتأن توقف هذه الأمور فأحضر الحاكم ابن تيمية وخيره بين الأمور الثلاثة :

v إما أن يسير إلى دمشق وهي وطنه وكان أهله

v وإما أن يذهب إلى الإسكندرية ويقبل الشروط التي يمليها عليه

v وإما الحبس.

والعجب أن ابن تيمية اختارالحبس لأنه رأى بثاقب فكره أن تقييد الجسم في الحركة خير له من أن يقيد فطره ولسانه.

الثالثة : دخل ابن تيمية السجن في قلعة دمشق عام 726 هـ وهو بأمر من السلطان لانه نهاه عن الفتوى فلم يستجب له.

وقرروا أمراً, ومكروا مكراً, وهو يمنع الشيخ من الكتابة, أن يحبسوا فكره, ان يسجنوا علمه.

وفي اليوم التاسع من جمادي الأخرة سنة 828 أخرج ماكان لدى الشيخ رضي الله عنه من الكتب والأوراق والمحابر والأقلام, وحملت كتبه ومراجعه إلى المكتبة الكبرى بالعادلية فنظر فيها القضاة ثم بقيت محفوظة بهذه المكتبة.[7]

ج. شيوخه وتلاميذه

تلقى العلم عن أبيه بملازمته له حتى وفاته وكان عمره حينئذ إحدى وعشرين سنة ثم نلقى العلم بعد ذلك عن شيوخ دمشق حيث سمع الحديث من ابن عبد الدائم, وابن أبي اليسر, وابن عبد عبدان, والشيخ شمس الدين الحنبلي, والشيخ شمس الدين ابن عطاء الحنفي, والشيخ جمال الدين البغدادي والنجيب ابن المقداد, وابن أبي الخير, وابن علان.

أخذ الفقه والوصول عن والده وعن الشيخ شمس الدين ابن أبي عمر ابن قدامة والشيخ زين الدين بن المنجا, وبرع في ذلك وناظر وقرأ العربية على ابن عبد القوي.[8]

وأما تلاميذه إن شاءالله نذكر بعضهم كما ذكرنا شيوخه بعضهم لكثرتهم ولا يمكننا ذكرهم جميعا. ونذكر منهم من كانوا من بعده من أشهر رجال الإسلام : كابن قيم الجوزي, صاحب الأثار الكثيرة المحررة الذي حبس مع الشيخ في القلعة بدمشق ولم يفرج عنه إلا بعد موت الشيخ.

والإمام الحافظ مؤرخ الإسلام شمس الدين أبو عبد الله محمد الذهبي, ومنهم الحافظ الكبير عماد الدين إسماعيل بن عمر بن كثير البصري ثم الدمشقي, ومنهم الحافظ شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عبد الهادي المقدسي, والقاضي شرف الدين أبو العباس أحمد بن الحسين المشهور بقاضي الجبل, وزين الدين عمر الشهير بابن الوردي, وعمر بن عبد الرحمن المصري, ومحمد بن أحمد بن نصر البغدادي الحنبلي.

د. مؤلفاته

تناول ابن تيمية علوم عصره بالدرس العميق, ثم بالتأليف, ورد على مخالفية من علماء المنطق وعلماء الكلام والتصوف والفلسفة, برسالة لطيفة أحيانا وبكتب مطولة أحيانا أخرى, وهو لم يترك علما إلا حاضه, فقد اشتغل بالعلوم كافة, فهو الإمام في التفسير وما يتعلق به, عارف بالفقه, عالم في الأصول والفرع والنحو و اللغة وغير ذلك من العلوم النقلية والعقلية, وكان متبحرا في الحديث عارفا برجاله مميزا بين صحيحه وسقمه.

وقد ذكر ابن القيم مؤلفات ابن تيمية وهي أكثر من أن تحصى فمنها يبلغ خمسة مجلدات, ومنها يبلغ سبعة مجلدات, ومنها يبلغ اثني عشر مجلدا.[9] منها :

أ‌. كتب العقائد :

1. كتاب الإيمان

2. كتاب اقتضاء الصراط المستقيم

3. الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان

4. العقل والنقل

5. شرح الأصفهانية

6. الرسالة الحمو ية

7. الرد علي الفلا سفة

8. اثبات المعاد

9. ثبوت النبوات عقلا و نقلا

10. المعجزات والكرامات

11. اثبانت الصفات

12. العرش

13. رفع الملام عن الأئمة الاعلام

14. الرد علي الإمامية

15. الرد علي القدرية

16. الرد علي التحادية والحلولية

17. خلق الأفعال

18. الرد علي تأسيس التقديس

19. الأسماء و الصفات

20. توحيد الألوهية

21. توحيد الربوبية

22. الرد علي المنطقين

23. الصفدية

24. قاعدة جليلة في التوسل و الوسيلة

25. القد ر

26. مجمل اعتقاد السلف

27. منهج اسنة النبوية

28. نقض المنطق

29. الجواب الصحيح فيمن بدل دين المسيح

ب‌. الـفـقـه :

1. شرح العمدة في الفقه

2. الدرة المضيئة في فتاوى ابن تيمية

3. المناسك الكبرى و الصغرى

4. اصلاح الراعي و الراعية

5. الرد على الاخنائي واستحباب زيارة خير البرية الزيارة الشرعية

6. قواعد في الوقف والوصايا

7. قاعدة في الإجتهاد والتقليد

8. قاعدة تفضيل مذهب أهل المدينة

9. الفتاوى المصرية

10. قاعدة شمول النصوص

11. قاعدة القياس

12. قاعدة في لعب الشطرنج

13. قاعدة في السفر

14. قواعد في أحكم الكنائس

15. قاعدة رجوع المغرور على من غره

16. قاعدة في الضمان

17. قاعدة سؤرما يؤكل لحمه وبوله

18. قاعدة الجهاد والترغيب فيه

19. رسالة في القياس

20. رسالة في الحسبة

21. في نكاح المحلل

22. في القعود

23. تعليق على كتاب المحرر في الفقه لجده الشيخ مجد الدين

ج. الـتصـوف :

1. الإستقامة : قاعدة في وجوب الإستقامة

2. التحفة العراقية في الأعمال القلبية

3. رسالة العبودية

4. التصوف ضمن الفتاوى

5. تصوف وأخلاق دينية

6. السلوك ضمن الفتاوى

7. الصوفية والفقراء

8. قاعدة في المحبة

د. الجدل, و فنون أخرى :

1. تنبيه الرجل العاقل على تمويه الجدل الباطل

2. تعارض العقل والنقل

3. مجموع الرسائل الكبرى

4. جامع الرسائل

هـ. الـحـد يـث و عـلـو مـه :

1. الخزانة الأصفية بحيد اباد الدكن

2. شرح حديث الـنـزول

و. الـتفسـير :

1. تفسير سورة الإخلاص

2. تفسير سورة النور لابن تيمية

3. دقائق التفسير

4. التفسير الكبير.[10]

هـ. ثناه العلماء عنه

جاء في البداية والنهاية لإبن كثير[11] مثنيا على ابن تيمية وعلى ملومه وفضائله حماعة من العلماء. ومما قاله الخير :" كان إذا سئل عن فن من العلم ظن الائي والسامع أنه لا يعرف غير ذلك الفن وحكم أن أحدا لا يعرف مثله".

وقال فيه أبو الفتح بن سيد الناس اليعمري المصري : " ألفيته ممن أدرك من العلوم حظا, ةكان يستوعب السنن والاَثار حفظا..." إن تكلم في التفسير فهو حامل رايته, أوأفتى في الفقه فهو مدرك غايته, أو ذكر الحديث فهو صاحب علمه ودرايته, أو حاضر بالملل والنحل, لم ترك أوسع من نحلته في ذلك ولا أرفع من دلالته. برزفي علم أبناء جنسه, ولم تر عين من راَه مثله ولا وأت عينه مثل نفسه".

وقال القاضي أبو الفتح بن دقيق العيد : " لما اجمعت بابن تيمية رأيت وجلا كل العلوم بين عينيه يأخذ ما يريد ويدع ما يريد... وقلت له ما كنت أظن أن يخلق مثلك !"[12]

قال الحافظ الذهبي :" له باع طويل في معرفة مذاهب الصحابة والتابعين, قل ان يتكلم إلا يذكر فيها مذاهب الأربعة".[13]

و. وفـاته

في ليلة الاثنين والعشرين من ذي القعدة سنة 728 هـ. توفي الشيخ الإمام, العالم العلم العلامة, الفـقـهـية الحافظ, الزاهد العابد المجاهد القدوة شيخ الإسلام تقي الدين أبوالعباس أحمد بن شيخنا الإمام العلامة المفتى شهاب الدين أبي المحاسن عبد الحليم ابن الشيخ الإمام شيخ الإسلام أبي البركات عبد السلام بن عبد الله بن أبي القاسم محمد بن الخضر ابن محمد بن الخضر بن على بن عبد الله بن تيمية الحرانى ثم الدمشقى, بقلعة دمشق, بالقاعة التى كان محبوسابها, وحضر جمع كثير إلى القلعة وأذن لهم الدخول عليه, وحبس جماعة عنده قبل الغسل, وقرأوا القرأن, وتبركوا برؤيته وتقبيله, ثم انصرفوا, ثم حضر جمعة من النساء ففعلن مثل ذلك ثم انصرفن, واقتصروا على من يغسله, فلما فرغ من غسله أخرج, ثم اجتمع الخلق بالقلعة.

والطريق إلى الجامع, وامتلأ الجامع أيضا وصحنه, والكلاسة وباب البريد, و باب الساعات إلى باب اللبادين والغوارة, وحضر الجنازة في الساعة الرابعة من النهار أو نحو ذلك.

ووضعت في الجامعة, والجند قد احتاطوا بها, يحفظونها من الناس من شدة الزحام, وصلى عليه أولا بالقلعة, تقدم في الصلاة عليه أولا الشيخ محمد بن تمام, ثم صلى عليه بالجامع الأموي عقيب صلاة الظهر[14].

وخرج الناس من الجامع من الأبوب كلها, وهي شديد الزحام, كل باب أشد زحمة من الاَخر, ثم خرج الناس من أبواب البلد جميعها من شدة الزحام. كان معظم الزحام من الأبواب الأربعة : باب الفرج الذي أخرجت منه الجنازة, وباب الفرايس, وباب النصر, وباب الجابية.

وعظم الأمر بسوق الخيل, وتضاعف الخلق, وكثر الناس, ووضعت الجناز هناك, وتقدم أخوه زين الدين عبد الرحمن , فلما قضيت الصلاة حمل إلى المقبرة الصوفية, فدفن إلى جانب إخيه شرف الين عبد الرحمن رحمها الله.

وكان دفن قبل العصر بيسير, وذلك من كثرة من يأتى ويصلى عليه, وحضر من النساء بحيث حزرن بخمسة عشر ألف امرأة, غير اللاتى كن على الأسطحة. وأما الرجال فحزروا بستين ألفا إلى مائة ألف.

الباب الثالث

مفهوم التربية الإسلامية

أ.مفهوم التربية

إذا رجعنا إلى معاجم اللغة العربية وجدنا لكلمة التربية أصولا لغوية ثلاثة :

الأصل الأول : ربا يربو بمعنى زاد ونما, وفى هذا المعنى نزل قوله تعالى : وماأتيتم من ربا ليربو في أموال الناس فلا يربو عند الله[15]

الأصل الثاني : ربي يربي على وزن خفي يخفى, ومعناها : نشأ وترعرع. وعليه قول ابن الأعرابي :

فمن يك سائلا عني فإني بمكة منزلي وبها ربيت

الأصل الثالث : رب يرب بوزن مد يمد بمعنى أصلحه, وتولى أمره. وساسه وقامه عليه ورعاه. ومن هذا المعنى قول حسان بن ثابت كما أورده ابن منظور فى لسان العرب :

ولأنت أحسن إذ برزت لنا يوم الخروج بساحة القصر

من درة بـيـضـاء صفية مـمـا تربب حـائر البحر

وقال : يعني الدرة التي يرببها في الصدف, وبين : بأن معنى : تربب حاءر البحر : ورببت الأمر أربه ربا وربابا : أصلحه ومتنته.

وقد اشتق بعد الباحثين من هذه الأصول اللغوية تعريفا للتربية, قال الإمام البيضاوي المتوفى 685 هجرية [16]

"الرب في الأصل بمعنى التربية وهي تبلغ الشيئ إلى كماله شيئا فشيئا, ثم وصف به تعلى للمبالغة"

وفي كتاب مفردات الراغب الأصفهاني المتوفى 502 هجرية :

"الرب في الأصلي التربية وهو إنشاء الشيئ حالا فحالا إلى حد التمام"

وقد استنبط الأستاذ عبد الرحمن الباني[17] من هذه الأصول اللغوية أن التربية تتكون من عناصر:

أولها : المحافظة على فطرة الناشئ ورعايتها.

ثانيها : تنمية مواهبه واستعداداته كلها, وهي كثيرة متنوعة.

ثالثها : توجيه هذه الفطرة وهذه المواهب كلها نحو صلاحها وكمالها اللائق بها.

رابعها : التدرج في هذه العملية, وهو يشير إليه البيضاوي بقوله :(......شيئا فشيئا) والراغب بقوله : ( حالا فحالا.......)

ثم يستخلص من هذه نتائج أساسية في فهم التربية :

النتيجة الأولى : أن التربية عملية هادفة. لها أغراضها وأهدافها وغايتها.

النتيجة الثانية : أن المربي الحق هو الله الخالق.

النتيجة الثلث : أن التربية تتقتضي خططا متدرجة تسير فيها الأعمال التربية والتعليمية وفق ترتيب منظم صاعد, ينتقل مع الناشئ من طور إلى طور ومن مرحلة إلى مرحلة.

النتيجة الرابعة : أن عمل المربي تال وتابع لخلق الله وإيجاده, كما أنه تابع لشرع الله ودينه.

ب. مفهوم الإسلام

الاسلام في اللغة والقراَن هو الإستسلام والخضوع, قال الله تعالى : أفغير دين الله يبغون وله أسلم من في السماوات والأرض طوعا وكرها وإليه يرجعون[18]

ثم استعمل اللفظ في القران علما على الدين والنظام, الذي أرسل الله به رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم, وبين الله أن كل من يتخذ أو يتبع دينا غيره, ولو كان من الأديان السماوية السالفة فإن الله لا يقبل منه.

إن الدين عند الله الإسلام[19]. وفي الأية الأخر : ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلا يقبل منه وهو في الأخرة من الخاسرين[20]. وقد جمع الله بين لفظي الدين مع الإسلام في قوله تعالى : قل إني أمرت أن أعبد الله مخلصا له الدين وأمرت لأن أكون أول المسلمين[21]

فالإسلام هو النظام الإلهي الذي ختم الله به الشرائع وجعله الله نظاما كاملا شاملا لجميع نواحي الحياة, وارتضاه لتنظيم على علاقة البشر بخالقهم وبالكون والخلائق, وبالدين وبالأخرة, وبالمجتمع والزوجة والوالد والحاكم والمحكوم, ولتنظيم كل الارتباطات التي يحتاج إليها الناس, تنظيما مبنيا على الخضوع الله وحده وإخلاص العبودية له, وعلى الأخذ بكل ماجاء به الرسول.[22]

علاقة بين الإسلام والتربية

الإسلام شريعة الله للبشر, أنزلها لهم ليحققوا عبادته في الأرض, وإن العمل بهذه الشريعة ليقتضي تطوير الإنسان وتهذيبه, حتى يصلح لحمل هذه الأمنة وتحقيق هذه الخلافة, وهذا التطوير والتهذيب هو التربية الإسلامية كما أشار ذلك في قول الله تعالى :

إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا[23]

فلا تحقيق لشريعة الإسلامية إلا بتربية النفس والجيل والمجتمع, على الإيمان بالله ومراقبة والخضوع له وحده, ومن هنا كانت التربية الإسلامية فريضة في أعناق جميع الأباء والمعلم, وأمانة يحمل الجيل للجيل الذي بعده. ويؤديها المربون للناشئين, وكان الويل لمن يخون هذه الأمانة أو ينحرف بها عن هدفها, أو يسيء تفسيرها, أو مغير محتواها.

إنها تربية الإنسان على أن يحكم شريعة الله في جميع أعماله وتصرفاته ثم لا يجد حرجا فيما حكم الله ورسوله, بل ينقا د مطيعا لأمر الله ورسوله, قال تعالى : فلا وربك لايؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلم تسليما[24]

والإنسان معرض للشر والخسران لا ينفقده منها إلا الإيمان بالله واليوم الأخرة, والعمل الصالح, والتعاون, والتواصي بالحق, والتواصي بالصبر على أحقاق الحق ومحاربة الباطل, قال الله تعالى: والعصر. إن الإنسان لفي خسر. إلا الذين أمنوا وعمل الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر[25]

وفي هذه السورة إشارة إلى أن خلاص الإنسان من الخسران والعذاب لا يتم إلا بثلاثة ضروب من التربية :

1. تربية الفرد على الإيمان بالله والإستسلام لشريعته والإيمان بالغيب.

2. تربية النفس على الأعمال الصالحة و على منهج الحياة الإسلامية.

3. تربية المجتمع على التواصي بالحق للعمل به والتواصي بالصبر على الشدائد, وعلى عبادة الله, وعلى التزام الحق.

ج. أهداف التربية الإسلامية

كانت التربية الإسلامبية تربية واعية, هادفة, وقدوضع الله أسسها في هذه الشريعة لجميع البشر.

كان لزاما على الباحث فيها ان يبين هدفها السامي الشامل الذي عينه الله لجميع البشر, قبل الشروع ببيان أساليب, ولو ألقينا نظرة على أسس التربية الإسلامية وتصور الإسلام للكون والحياة, ةالأهداف الحياة لوجدنا فيها:

أن الله خلق الكون, لهدف معين, ووجد الإنسان على الأرض ليكون خليفة يحقق طاعة الله, ويهتدي بهديه, وسخر له مافي السماوات والأرض, فجعل ذلك كله خادما لحياة الإنسان محققا لها, وطلب منه أن يتأمل كل ما في الكون ليستدل به على عظمة الله, فيدفعه ذلك إلى طاعة الله ومحبته, والخضوع لأمره ومناجاته, وجعله مستعدا للخير والشر, وأرسل رسله إلى البشر ليهدوهم إلى عبادة الله وتةحيده.

وأن الله جعل لهذا الكون ولهذا الحياة الدنيا أجلا ينتهي في وقت محدود عند الله, ثم يفنى الكون وتفنى الحياة الدنيا, ثم خلق الله الإنسان خلقا جديدا, ويخلق كونا جديدا, ليحاسب الناس على أعمالهم وليجازي المسيء الذي كفر بنعمةالله ورسله وشريعته بالجحيم الدائم, والمحسن الذي أمن بالله وشكر على نعمته واتبع رسله وكتابه بالنعيم المقيم الأبدي.

من هذه النظرة الإسلامية إلى الكون بتضح أن الهدف الأساسي لوجود الإنسان في الكون, هو عبادة الله والخضوع له, والخلافة في الأرض ليعمرها بتحقيق شريعة الله وطاعته, وقد ضرح القران بهذا الهدف في قوله تعالى: وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون[26]

وإذا كانت هذه مهمة الإنسانية في الحياة, فإن تربيته يجب أن تكون لها نفس الهدف, لأن التربية الإسلامية هي : تنميه فكر الإنسان وتنظيم سلوكه, وعواطفه, على أساس الدين الإسلامي.

وبذلك تكون الغاية النهائية للتربية الإسلامية هي تحقيق العبودية لله في حياة الإنسان الفردية والإجتماعية.[27]

تعد الأهداف من المباحث الهامة في التربية وهي تمثل منطلقات للنشاط التربوي في الأسلام. وهي تعكس الرؤى الثقافية للتربويين فمنهم من يراها فردية واجتماعية. وبعضهم يراها أهدافا دينية وعلقية وثقافية ونفسية, والبعض يقسمها إلى أهداف دينية واجتماعية ومادية وعملية. إلى غير ذلك من تقسيمات ترتبط بالمذاهب والمدارس الفكرية التي ينتمي إليها المربون المسلمون, فالقابسي يرى أن الغرض من التربية : معرفة الدين علما وعملا وذلك مرتبة بكونه فقيهامحدثا. وإخوان الصفا يعنون بتربية النشء وفق مذهبهم الفلسفي واتجاههم السياسي.

والغزالي يتجه إلى تدريب الدارسين أي : الوصول إلى معرفة الله ويهتم بمجاهدة النفس ةرياضتها. وبصفة عامة يمكن القول بأن أهداف التربية الإسلامية تتسم – رغم تباين التناول والتصنيف – بكونها تنبثق من نظرة كلية للحياة والإنسان والكون والنشأة والمصير, وهذا ماافتقدت إليه الفلسفات والظريات اأخرى التي شهدت جدلا واسعا حول ماهية إهداف التربية وكونها تتصل بغايات الحياة أم تقتصر فقط على بلورة أهداف سلوكية عملية تنحصر في موقف تعليمي محدد؟[28]

وفي ضوء عناية الإسلامية بالتربية وأهدافها فقد أمكن تصنيفها إلى هدف عام وأهداف فرعية نشير إليها في السطور التالية :

أولا : هدف عام ( العبودية )

تهدف التربية الإسلامية إلى تنثئة وإعداد الإنسان الذي يعبد الله تعالى ويخشاه فيكون مسلما عابدا عالما عاملا مؤتمرا بأوامر الله سبحانه وتعالى: وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون[29] وطريقة عبادة الله و خشيته إنما تكون بالعلم يقول تعالى : إنما يخشى الله من عباده العلماء إن الله عزيز غفور[30] ولذا حث الإسلام على العلم والسعي في طلبه وأشاد بالعلماء وفضلهم في الدنيا ومكانتهم في الأخرة. بيد أن تحصيل هذا الأجر والثواب وبلوغ تلك المكانة مرتبط بصدق النية والإخلاص في العمل وإتقانه ففي الحديث : وإنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ مانوى.[31]وهذا يبين لنا شمولية مفهوم العبادة في الإسلام, إنها تمثل الغاية من خلق العباد, فالعبودية مفهوم شامل جامع لكل ما يحبه الله ورسوله ويرضاه لعباده من الأقوال والأفعال.

ثانيا : أهداف فرعية

وهي أهداف تنبثق من الهدف العام للتربية الإسلام وتشمل الأهداف الخلقية إليها على النحو التالي :

أ‌. الأهداف الخلقية :

وهي الأهداف التي تعني بكمال الخلق وتزكية النفس واستقامة السلوك, فتربي المسلم على عمل الطاعات والخيرات والتزام الأخلاق التي ترتقي به في الحياة, وتضمن له السعادة في الأخرة مثل : الصدق والأمانة والوفاء والعفة. والأهداف الخلقية تؤكد على مايلي :

o تربية المسلم على ممارسة السلوك الذي يعكس الأخلاق الإسلامية.

o تربية المسلم على حسن التأسي والإقتداء باالنبي في خلقه قولا وفعلا وكان عليه السلام خلقه القران يقول تعالى : وإنك لعلى خلق عظيم[32] وفي الحديث الذي يرويه أبو هريرة عن النبي قال: إنمـا بعـثـت لأتـمـم مـكـارم الأخـلاق[33]. وفي رواية البخاري " صالحي الأخلاق"[34]

o تزكية نفس المسلم وتنقيتها مما يشوبها.

o تربية المسلم على الإخلاص وحسن المراقبة لله عز وجل فيعبد الله كأنه يراه.

ولقد أكد الإسلام أن تزكية النفس الإنسانية تمثل غاية هامة لشتى التكاليف. والتزكية المنشودة هي تصفية المعدن الإنساني من شوائبه, وجعل الغرائز كلها تحت رقاب العقل المؤمن فلا تطغى ولا تجمع إن الخلق العظيم لأمة مانتاج جملة من العناصر المتماسكة المتكاملة تلتقي فيها العقائد والعبادات ةالأحوال الاقتصادية والسياسة.

والخلق ليس قراءة ورقة ولا سماع درس، إنه صناعة شاقة وتجارب متكررة وتكلف مستمر ينتهي بأن يكون ملكة قائمة وصبغة ثابتة. والأخلاق هي القوالب التي تصاغ فيها حركات المرء وسكناته. ولا يمكن لأمة أن تنهض دون استقراء لعقائذها وأخلاقها.

وينعكس تحقيق الأهداف الأخلاقية على المجتمع حيث تسود الألفة وتنتشر المحبة بين المجتمع, فضلاعن سيادة الأمن والطمأنينة داخل المجتمع, كما يأمن المجتمع المسلم مخاطر الأمراض النفسية التي تعانيها المجتمعات غير المسلمة, بالإضافة إلى ذلك فإن انتشار الأخلاق الفاضلة بين أفراد المجتمع يرغب غير المسلمين ممن يعيشون في بلادنا فيقولون على الإسلام يعتنقونه, كذلك الدول غير الإسلامية تنبهر بهذه الأخلاق التي يتجلى فيها توافق النظرية والتطبيق.

ب. الأهداف الإجتماعية :

تعني الأهداف الإجتماعية للتربية الإسلامية بتنمية الشعور الجماعي لدى المسلم ةوترسيخ إحساسه بالانتماء إلى مجتمعه, وتأكيد الاهتمام بقضاياه وهمومه والارتباط مع أفراده برباط الأخوة والمحبة.

ويمكن تحديد الأهداف الإجتماعية للتربية الإسلامية على شالنحو التالي:

v تنمية مهارات العمل الجماعي.

v التأكيد على الممارسات الاجتماعية التي تحتاج الأمة الاسلامية ويدعو إليها الإسلام مثل : التعاون, والبر, ةالبذل, والمساواة, وصلة الرحم, وإصلاح ذات البين.

v تكون الشعور بالمسئولية الإجتماعية.

v معالج الأراض الجتماعية التي تفكك أوصال المجتمع مثل : عقوق الوالدين, قطيعة الرحم, الجريمة, الحسد, السحر, وغير ذلك.

وينعكس تحقيق الأهداف الإجتماعية للتربية الإسلامية على الفرد و المجتمع بتحقيق ما يلي :

v زيادة معرفة المسلم بأحوال إخوانه من المسلمين البائسين والمحتاجين.

v خلو المجتمع من الأمراض الإجتماعية مثل : عقوق الوالدين، قطيعة الرحم، البغي، الجريمة، التناحر ...

v تحقيق مبدأ التكافل الاجتماعي، وضمان حد الكفاية لكل فرد.

v شيوع المحبة بين أفراد المجتمع.

v احقيق نهضة اقتصادية للمجتمع حيث تقل أو تنعدم السرقات والرشاوى والربا.

ج. الأهداف العقلية والمعرفية :

دعا الإسلام إلى العلم واهتم بالعقل اهتماما بالغا، تدل على ذلك العديد من النصوص فيي القرأن الكريم والسنة النبوية يقول تعالى : إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولى الألباب[35] ويقول سبحانه : سنريهم ءاياتنا في الأفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق أولم يكف بربك أنه على كل شيئ شهيد[36]

كما يدل على ذلك الاسهامات الفاعلة التي قدمهاالعلماء المسلمون في تحقيق نهضة علمية من أمثال : ابن النفيس في مجال الدورة الدموية، والخوارزمي في علم الجبر، وجابر بن حيان والرازي في مجال الكيمياء، وابن الهيثم في علم البصريات، وابن البيطار في ميدان الفلك، والزهراوي في الطب، وابن خلدون في علم الاجتماع.

ونشير إلى اهم الأهداف العقلية والمعرفة للتربية الإسلامية على النحو التالي :

v العناية اللغة العربية

v تدريب العقل المسلم على المنهجية العلمية في التفكير.

v تنمية الميول الإيجابية لدى المتعلم نحو التربية المستمرة.

v تكون العقلية الناقجة.

v التأكيد على التربية الحوار.

v تنمية المهارات القراءة, فالقراءة أهم أدوات المعرفة.

v تنمية القدرة على استخدام التقنيات الحديثة.

v العناية بالترجمة وتعريب العلوم المختلفة.

v رعاية الموهبين في المجالات المختلفة.

د. الأهداف الوجدانية والنفسية :

وتتمثل فيما يلي :

v تنمية الثقة في النفس لدى المسلم.

v إشعار المسلم بقيمة وكيانة دال المجتمع.

v تنمية الشعور بالحاجة إلى الإيمان.

v تنمية الإحساس بالجمال لدى المتعلم.

v إرشاد المتعلم إلى نوع العلوم التي تناسب طاقة واستعدادته.

هـ. الأهداف الإقتصادية :

ومن أبرزها ما يلي :

v تربية المسلم على الإعتدال في الإنفاق قدر الحاجة والضرورة وتجنب الإسراف.

v تنمية الاتجاه الإيجابي نحو الإدخار والتوفير.

v تنمية القدرة على التخطيط للدخول في مشاريع تجارية يحتاجها المجتمع الإسلامية بشكل عام.

v إعداد الشخصية المنتجة لا المستهلكة.[37]

د. مصادر التربية الإسلامية

التربية الإسلامية هي التنظيم النفسي والإجتماعي الذي يؤدي إلى اعتناق الإسلام وتطبيقها كليا في حياة الفرد والمجماعة.

فالتربية الإسلامية ضرورة حتمية لتحقيق الإسلاة كما أراده الله أن يتحقق, وهي بهذا المعنى تهيئة النفس الإنسانية لتحمل هذه الأمانة, وهذا يعني بالضرورة أن تكون مضادر الإسلام هي نفسها مصادر في التربية وهي القران والسنة.[38]

تستمد التربية الإسلامية أصولها ومقوماتها من مصادر التشريع الإسلامي والتي تستنبط منها جيع أنظمة الحياة وتتمثل تلك المصادر في : القران الكريم والسنة النبوية باعتبارهما مصدرين أصليين يقول النبي صلى الله عليه وسلم :

تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا: كتاب الله وسبتي. كما تتمثل تلك المصادر في الإجتهاد باعتبار مصدرا فرعيا.

المصدر الأول : القران الكريم

يعد القران الكريم المصدر الأساسي الأول للتربية الإسلامية وهو رسالة الله الخاتم للبشرية, أرسله مع خير رسله وتةلى سبحانه حفظه بنفسه من التبديل والتحريف ليستمر في أداء دوره باعتباره منهج حياة حتى قيام الساعة, يقول الله تعالى : أنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحـاظـفـون[39]

والقران الكريم لا ينضب, له قدرة وعطاء مستمرين في تخريج أجيال نهضت بالأمة حين نالت حظها من التربية الرانية ففهمت واستجابت فكانوا إذا سمعوا قول الحق سارعوا بالإستجابة والتزموا الطاعة قال سبحانه وتعالى : وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا ةإليك المصير[40]

فتأدبوا بأدابه والتزموا بتوجيهاته وتحققت لهم العديد من الثمار والمكاسب الدنيوية والأخروية.[41]

فالقران قد ترك أثراً لا شك فيه في تربية نفس الرسول وصحابته وقد شهدت بذلك السيدة عائشة زوج رسول الله, فقال في وصفه : كان خلقه القران.[42]

وباعتبار القران الكريم قدم للبشرية منهجا تربويا متكاملا يضمن الأستخلاف الحقيقي للإ نسان في الأرض فينبغي التأكيد على التالي :

أولا : الإلتزام بالقران دستوراً ومنهج حياة :

ينبغي الالتزام بالقرأن الكريم دستورا ومنهاج حياة فهو يحوي من القيم والتعاليم ما يزكي النفوس ويسعد الأفراد والمجتمعات في الدنيا والأخرة يقول تعالى : إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم لأجرا كبيرا[43]

والقرآن الكريم جاء ليزكي النفوس ويهذب الأخلاق ويربط الناس بخالقهم، فهو منهاج خياة ودستور أمة، حين تمسك به المسلمون ارتقى بهم إى مقام كريم أخرجهم من ظلمة الأمية إلى نور العلم ورفيع الخلق، فطهر ضمائرهم ومشاعرهم ومن أبرز الثمار التي تتحقق للمسلمين عند التزامهم بالقرىن الكريم ما يلي :

1- زيادة الإيمان واستقراره وتركزه وتملكه من القلب، قال تعالى: إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم[44]

2- الهدوء والسكينة وعدم القلق والاضطراب والعصمة من الأمراض النفسية وعيرها

3- وضوح الرؤى للمؤمن في مواقفه المختلفة كما تجلى في مواقف الأنبياء مع أقوامهم والتي ساقها القرآن الكريم في مواضع كثيرة

ولما كان القرآن الكريم هو المصدر التشريعي الأول لأنظمة المجتمع، ومنها النظام التربوي الذي يعني بصياغة الشخصية المسلمة وإعدادها إعدادا متكاملا في شتى الجوانب، لكل ذلك كان القرآن الكريم مصدرا للتربية الإسلامية تستمد منه أصولها، وأهدافها، ومبادؤها وقيمها، وأساليبها ووسائلها.

ثانيا: عناية القرآن الكريم بالقضايا الفكرية :

اهتم القرآن الكريم بتناول القضايا والمفاهيم التي شغلت البشرية كثيرا وتباينت في تناولها النظريات والمدارس الفكرية المختلفة ولم تصل إلى تفسير متكامل أو رؤية شاملة وإنما كان التناقض والحيرة والغلو والتقصير أبرز سماتها إلا أن القرآن الكريم هو الدستور الشامل قدم التصورات الكاملة والرؤى الشاملة للحياة والإنسان والكون و المعرفة والقيم وغير ذلك من قـضايا ومفاهيم نشير إلى بعضها على النحو التالـية :

أ‌. النظرة للإنسان

نال الإنسان العديد من مظاهر التكريم التي تعكس كثيرا من المدلولات التربوية والتي من أبرزها :

Ø التوازن والتكاملية بين جميع جوانب الشخصية بأبعادها المختلفة.

Ø منحه الإرادة وحرية الإختيار يقول سبحانه : ونفس وما سواها. فألهمها فجورها وتقواها. قد أفلح من زكاها. وقد خاب من دساها[45] وعاب القرآن الكريم على أناس يهملون استخدام تلك النعمة التي بها يميزون عن سائر المخلوقات قال الله تعالي : ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم ءاذان لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم اضل أولئك هم الغافلون[46]

Ø مراعاة الفطرة البشرية : لقيت البشرية كل مراعاة وتقدير في تلبية الفطرة والاستجابة لحاجاتها تمثل في التركيز على قيم : الضبط لا الكبت، التيسير ورفع الحرج.

النظرة للكون

لم تكن نظرة القرآن الكريم إلى الكون نظرة عقلية محضة وإنما نظرة تهتم بتحريك عواطف الإنسان وشعوره بعظمة خالقه، وهي نظرة تحقق العبودية الكاملة لله تعالى وتربط المسلم بخالقه لقول سبحانه : ما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما لاعبين. ماخلقناهما إلا بالحق ولكن أكثرهم لا تعلمون[47]

ج. النظرة للقيم

تتبوع القيم في الفكر التربوي الإسلامي مكانا بارزا لكونها استقت معالمها ومعطياتها من الإسلام الذي قدّم للبشرية بعثا حضاريا متكاملا وذلك بعكس رؤية التيارات والفلسفات الأخرى للقيم، فالقيم في الإسلام : ربانية في مصدرها ومنهجها وغاياتها.

د. النظرة للمعرفة

حظيت المعرفة بمكانة هامة في الإسلام, حيث تشمل الجوانب المادية والمعنوية وتؤكد علي التجربة وإعمال العقل في البحث والتفكير والتدريب فهي معرفة تشمل جميع العلوم المربطة بشؤن الدنيا والأخرة, وتتسم المعرفة في الإسلام بكونها تستمد من الكتاب والسنة.

يقول الله تعالى : وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة وعلمك مالم تكن تعلمون وكان فضل الله عليك عظيما[48]

ثالثا : القراَن الكريم منهج بربوي متكامل متوازن :

اتسع القراَن الكريم لمجالات التربية المختلفة والتي من أهما :

التربية الإيمابية, التربية الأخلاقية, التربية المعرفية و العقلية, التربية الوجدانية, التربية الجسمية, التربية الجمالية, التربية الإجتماعية والتربية العملية.

ولقد اهتم القراَن بتربية الفرد, والأسرة, والمجتمع, والتربية الحاكم والمحكوم, والصغير والكبير, والتربية في المجال المعملات, والميدان والعبادات, إنه يربي بالقصة, والمثال, والتوحيه, واتشريع, والحوار والموعظة.

المصدر الثاني : السنة النبوية :

تعريف السنة النبوية بأنها : كل ما أضيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم من أقوال أو فعل أو تقرير.

فالقول يتمثل في أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم, والفعل يتمثل في أفعال الرسول عليه السلام من وضوء وصلاة وغيرذلك مما شاهد الصحابة.

والتقرير كإقراره النبي صلى الله عليه وسلم أفعال الصحابة بسكوت منه دلالة على الرضى أو إظهار الإستحساب مثل إقرار صلاة العصر في بني قريظة, حين قال لهم : لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة فقد فهم بعضهم أن المقصود الإسراع في السير فصلاها في وقتها, وفهم البعض الاَخرأن النهي على حقيقته, بأخرها حتى بعد صلاة المغرب. فأقر النبي صلى الله عليه وسلم الفريقين ولم ينكر عليهما.

التوجهات التربوية للسنة النبوية :

تمثل السنة النبوية حجية تربوية باعتبارها المصدر الثاني للتشريع وبما تحمله من توجهات ودلالات تربوية النظرية والتطبيق وأفادت الفرد والمجتمع ولبت حاجة النفس الإنسانية وفطرتها في تكامل وتوازن.

وتأتي حجية السنة انطلاقا من أوامر الله سبحانه وتعالى, وتوجيهه بطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم وتنفيذ أمره وجعل طاعته من طاعة الله تعالى, وأوضحه الله في القراَن عن أهمية النبي صلى الله عليه وسلم يتضح كثير من الأيات ومنها : من يطع الرسول فقد أطاع الله[49]

وتتمثل الملامح التربية للسنة النبوية في جوانب شتى ومنها :

v تجسيد النموذج الربوي في شخصية الرسول صلى الله عليه وسلم تمثل منهاجا تربويا متكاملا. وقد تجلى ذلك في عباداته وأخلاقه ومعاملاته وأساليبه.

v عنايته عليه السلام بتعليم المرأة.

v اهتمام السنة بتربية الطفل

v اهتمام السنة بجوانب التربية المختلفة

v ايضاح المنهج التربوي الإسلامي المتكامل الوارد في القراَن الكريم أيضاحا قويا وعمليا[50]

المصادر الثالث : الإجتهاد

يعد الإجتهاد مصدؤا من مصادر التربية الاسلامية وذلك لكون التربية الاسلامية تتسم بالمرونة والتفاعل مع المستجدات الإجتماعية والتربية وغيرها.

ويراد بالاجتهاد في مجال التربية الاسلامية : بذل العلماء المسلمين جهدهم وطاقاتهم وقدرتهم في فهم نصوص القران الكريم والسنة النبوية.

ومعنى ذلك ان يكون الإجتهاد تحت مظلة الكتاب والسنة وأن يحقق النفع للمسلمين, ولاهمية الإجتهاد في تفعيل دور التربية الاسلامية وإثرائها فقد شهد المجتمع على مدى تاريخه العديد من الكتابات والمؤلفات لعلماء ومربين أثروا الواقع التربوي باجتهاداتهم.

وقد اتسع الاجتهاد ليشمل جوانب تربوية متعددة من أهمها ,

1. وجوب تعليم الاَباء للابناء

2. البدء بتعليم القراَن الكريم

3. جواز أخذ الأجر على التعليم

4. اَداب العلم والمتعلم

5. الثواب والعقاب

6. تعليم المرأة

7. التربية الخلقية والروحية والإجتماعية والجسمية والصحية

8. التنوع في المواد الدراسية

9. الإختلاف والتـنوع في مناهج وطرق التدريس باختلاف بلدان العالم الإسلامي.[51]

الباب الرابع

آراء ابن تيمية في التربية الاسلامية

أ. أهم الأراء التربية عند إبن تيمية

عني ابن بالتربية واتخذ منها أسلوبا لمعالجة الانحرافات الفكرية السائدة يقينا منه بدور التربية في تعديل السلوكيات وبناء البشر وإحدث الإصلاحات داخل المجتمعات وتزكية نفوس أفراد ها وفق منهج القراَن الكريم والسنة النبوية الشريفة. ومن أبرز القضايا التربية الاسلامية التي ركزعليها ابن تيمية:

1. التربية وتنقيه العقيدة :

ربط ابن تيمية بين التربية والعقيدة النقية الصحية فأكد على : منع التقرب إلى الله تعالى بالموت وزيارة قبور الصالحين, لأن هذا يخل بالعقيدة ويشوه تربية المسلم, بالموت لا يملكون لانفسهم نفعا ولا ضرا.

2. التربية على العبودية لله

يرى ابن تيمية ان العبودية الصحيحة الساملة تؤدى بالإنسان إلى تحقيق الكمال التربوى, والعبادة من وجهة نظره نوعان :

أ. عبادة دينية : وتعنى بالجانب التعبدي الذي تنتظم معه علاقة المسلم من صلاة وصيام وزكاة وحاج, وكذلك بالجانب الإجتماعى الذى تنتظم معه علاقة الإنسان بغيره من الناس, وذلك ميدان العلوم الدينية والإجتماعية.

ب. عبادة كونية : وتعنى بمعرغة أسرار الكون واكتشاف كنهه وقوانينه ولهذه العبادة أثرها في تحقيق الخضوع لله عزوجل والإيمان به, وذلك ميدان العلوم الطبيعة.

لذا رأى ابن تيمية أن التربية الإسلامية لها أهداف يربط بها المسلم, وهي أهدف تشمل الفرد ية الأمة والعالم, وهي كما يلي :

1. إعداد وتربية الفرد المسلم المؤتمر بأوامر الله نعالى المنتهي عن نواهيه, وفهم مقاصد الرسول صلى الله عليه وسلم في أمره ونهيه وسائر كلامه.

ب. تكوين الأمة الإسلامية والعناية ببنائها بناءً متكاملا, وتـتـسـم معه الأمة بالوسطية والخيرية والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والأصالة, والتوافق بين المظاهر المادية والمعنوية, تستلهم قوتها وعزتها من إيمانها يخالقها.

ج. الدعوة إلى الإسلام في العالم : أي السعي لتحقيق عالمية الإسلام, فهو الرسالة الحضارية التي بنبغي أن تحملها الأمة إلى العالم بأسره وتشعر بمسؤلياتها إزاءة فهذا ما يبقى للحضارة حيوبتها وازدهارها, وكيما تؤتي التربية ثمارها فلا بد من : التكامل بين هذه الأهداف فلا يستقيم الوقوف عند إعداد الفرد المسلم دون اهتمام ببناء الأمة المسلمة, والدعوة إلى عالم الإسلام.

ب. طرق التربية وأساليـبها عند ابن تيمية

يرى ابن تيمية أن للتربية طريقتان هما :

أ. الطريقة العلمية : وهي صحة النظرفي الأدلة وتقوم على ثلاثة أمور :

الأول : صحة أداة التعلم وهي القلب, والأصل في القلب أنه مفطور على التصديق بالحق والخير والانجذاب إليهما, ومعرفة الباطن والشر والنفور منهما.

الثانى : الإحاطة التامة بموضوع التعليم, بالمعرفة الجزئية أخطر من الجهل.

الثالث : توفير فرص التطبيق العلمي للعملي وقد انتقد ابن تيمية الأسليب التعليمية التي شاعت في زمانه واعتبرها تراكيب نظرية تعتمد على القياس والمنطق ولا تفيد في الأصول إلى القيقة أوتصورها.

وأما أساليب, قدم فيها ثلاثة أساليب :

الأول : أسلوب الحكمة : وبه يتمكن المتعلم من التميز بين المأمور والمحظور والحق والباطل.

الثاني : أسلوب الموعظة الحسنة : ويناسب ألئك المتعلمين من الوؤمنين بالعقيدة الصحيحة ولكن لا يعلمها بها.

الثالث : أسلوب الحوار : وبناسب المنكر للعقيدة ولا يمارسونها.

ب. طريقة الإرادة : وهي الطريقة الموجبة للعمل وتقوم على ثلاثة أمور :

الأول : الوقوف على ماهية الإرادة وهي قوة الرغبة التي تحرك الإنسان نحو معين وتكون نتيجة للتوزن بين ثلاث قوى : القوة العضلية, وقوة الغضب, وقو الشهوة. والإرادة مفطورة على التحرك بمقاصد كريمة.

الثاني : المقاصد التي تتحرك نحو ها الإرادة.

الثالث : بوفيلر البيئة المناسبة لتربية الإرادة, وهذا يتطلب تعاون المؤ سسات التربية لنوفير هذه البيئة, وقد وضع ابن تيمية عدة مواصفات للبيئة الإجتماعية المنشودة ومن أهمها : طمس المعاصي والرذائل والشرور ومنع انتشارها.

ج. المنهج الدراسي عند ابن تيمية

1. مجال العلوم الدينية ويشمل : علوم القراَن الكريم والسنة النبوية والعقيدة والعبادات والأخلاق.

2. مجال العلوم العقلية : ويتضمن , الرياضيات والطب والأحياء والفيزيا.

3. مجال العلوم العسكرية : وهي المرتبط بالجهاد وتتنوع حسب مهارات العصر وأدواته ووسائله. ويؤكد ابن تيمية على التدخل والاقتران بين العلوم الشرعية والعسكرية فيقول ودين الاسلام أن يكون اليسف تابعا للكتاب, فاذا ظهر العلم بالكتاب والسنة, وكان السيف تابعا لذلك كان أ,مر الاسلام قائما.

4. مجال الصناعات والمهن : ويرى تعلم ماكان منها مفقودا في المجتمع وأفضل الصناعات من وجهة نظر ابن تيمية هي الصناعات الحربية لكونها وسيلة الجهاد وعدته.

العلم مع العدل

ربما لم يعش أحد خلافات الأمة ويخوض غمارها مثل ما فعل شيخ الإسلام ابن تيمية. وقد أوصى ابن تيمية بإلحاح على اتباع قاعدتين جليلتين في تناول مسائل الخلاف، والحكم على المخالف، من أجل تحقيق الحق والقيام بالقسط، هما قاعدتا العلم والعدل. ودعا المسلمين إلى انتهاج هذا النهج، لا في المعاملات المالية والاجتماعية فحسب، بل فيما هو أهم من ذلك، وهو الحكم على المقولات والآراء والعقائد. ويخيل إلي أن أبناء الصحوة الإسلامية بحاجة إلى تذكير بهذين المبدأين في هذه الأيام التي طغى فيها الحماس على الفقه، والانفعال على البصيرة. لم يكن ليخفى على شيخ الإسلام أن آفة الخائضين في خلافات الأمة تنحصر في أمرين اثنين :

أولاهما: الجهل بموضوع الخلاف، والتفريط في بحثه واستقرائه استقراء كافيا، يحرر نقطة النزاع، ويتحرى الصدق في الرواية، وينقب عن خلفيات الوقائع وبواعثها. والخوض مع الجهل مخالفة لتحذير الخالق سبحانه: »ولا تقف ما ليس لك به علم«[52] كما هو مخالفة لحديث النبي صلى الله عليه وسلم حول القضاة الثلاثة، حيث جعل القاضي بجهلٍ في النار. ويتأكد العلم في موضوعات الخلاف، نظرا لورود الأدلة فيها محتملة الثبوت أو الدلالة غالبا، ونظرا لأن أغلب المخالفين من المبتدعة وغيرهم يجمعون بين حق وباطل عادة، فيحتاج مناظرهم إلى قدرة تامة على التمييز بين الأمور المتداخلة، وإنصاف كامل يرفض الانسياق مع نزعة التعميم والتسطيح والحلول السهلة، التي انساق منها "سهلٌ" القديم ، فاستحق هذا التعيير على لسان أحد الشعراء:

أتانا أن "سهلا" ذمَّ جهلا علوما ليس يدريهن "سهلُ"

علوما لو دراها ما قلاها ولكن الرضى بالجهل سهلُ

وثانيتهما: الظلم لأحد الطرفين المختلفين، تعصبا ضده وتجاوزا، أو إغضاء عن الطرف الآخر ومجاملة، رغم أن الله تعالى حذرنا من أن نندفع مع غريزة العداء، أو أن تستخفنا الخصومة، فنتجاوز حدود بيان الحق و الأخذ به، إلى الظلم والتعدي على المخالفين. كما أمرنا بالشهادة بالقسط، ولو على أنفسنا أو الوالدين والأقربين. فقال تعالى: ولا يجرمنكم شنآن قوم على أن لا تعدلوا، اعدلوا هو أقرب للتقوى[53] وقال جل من قائل: يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله، ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين، إن يكن غنيا أو فقيرا فالله أولى بهما، فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا[54] .

وقد ألح شيخ الإسلام على تحري العلم والعدل في موضوعات الخلاف، وفي الحكم على المخالفين، في أكثر من كتاب من كتبه :

· فأعلن أن " الدين كله العلم والعدل"[55] وأن " الله يحب الكلام بعلم وعدل، وإعطاء كل ذي حق حقه، وتنزيل الناس منازلهم[56] . وقد صدق في ذلك وأحسن، فبالعلم والعدل ومن أجلهما أنزل الله الكتب وأرسل الرسل، لدلالة الناس على منهج القيام بالقسط، قال تعالى: لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط[57].

· وبين ابن تيمية أن السنة مبناها العلم والعدل، وذلك هو منهج المنتسبين إليها صدقا لا ادعاء، فقال: وقد نهى الله في كتابه عن التفرق والتشتت، وأمر بالاعتصام بحبله. فهذا موضع يجب على المؤمن أن يتثبت فيه، ويعتصم بحبل الله، فإن السنة مبناها على العلم والعدل، والاتباع لكتاب الله وسنة رسوله[58] وقال: ...وأما أهل السنة فيتولون جميع المؤمنين، ويتكلمون بعلم وعدل، ليسوا من أهل الجهل، ولا من أهل الأهواء[59] أهل السنة يتكلمون بعلم وعدل، ويعطون كل ذي حق حقه[60].

ورفض ابن تيمية ما انتهجه بعض المنتسبين إلى السنة ممن لم يتلزموا منهج العلم والعدل في الحكم على مخالفيهم، فسمى هؤلاء بـ"المتسننة" الذين " قابلوا باطلا بباطل، وردوا بدعة ببدعة "[61] وأوضح أن مثل هذا النهج يثير الفساد ولا ينصر الحق، فقال: " لا بد أن يكون مع الإنسان أصول كلية يرد إليها الجزئيات، ليتكلم بعلم وعدل، ثم يعرف الجزئيات كيف وقعت، وإلا فسيبقى في كذب وجهل في الجزئيات، وجهل وظلم في الكليات، فيتولد فساد عظيم "[62].

· وأوضح شيخ الإسلام أن العلم والعدل إذا كانا مطلوبين في الحياة اليومية وفي فروع الدين الجزئية، فهما في "المقالات" – ذات الصلة بأصول الدين وكليات الشريعة - أولى، والناس إليهما أحوج، فقال: " فعلى الإنسان أن يتحرى العلم والعدل فيما يقوله في مقالات الناس، فإن الحكم بالعلم والعدل في ذلك أولى منه في الأمور الصغار. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "القضاة ثلاثة: قاضيان في النار، وقاض في الجنة. رجل علم الحق وقضى به فهو في الجنة، ورجل قضى للناس على جهل، فهو في النار، ورجل علم الحق وقضى بخلافه فهو في النار". فإذا كان هذا فيمن يقضي في درهم وثوب، فكيف بمن يقضي في الأصول المتضمنة للكلام في رب العالمين وخلقه، وأمره ووعده ووعيده "[63] .

· كما بين أن هذا هو منهج الراسخين في العلم من أعلام الأمة، فقال: " ومن له في الأمة لسان صدق عام، بحيث يُثنى عليه ويُحمد في جماهير أجناس الأمة، فهؤلاء هم أئمة الهدى ومصابيح الدجى، وغلطهم قليل يالنسبة إلى صوابهم، وعامته من موارد الاجتهاد التي يُعذرون فيها، وهم الذين يتبعون العلم والعدل، فهم بُعداء عن الجهل والظلم، وعن اتباع الظن وما تهوى الأنفس "[64] .

· وأخيرا أن المناظرة العلمية في أمور الخلاف لا تصلح بغير هذين المبدأين، وتلك هي :" المناظرة العادلة التي يتكلم فيها الإنسان بعلم وعدل، لا بجهل وظلم "[65] . ومن لم يلتزم بذلك فهو إلى البدعة أقرب منه إلى السنة مهما كانت التسميات، لأن السنة طريق ومنهاج، وليست شعارا وادعاء، فقال : " والكلام في الناس يجب أن يكون بعلم وعدل، لا بجهل وظلم، كحال أهل البدع "[66].

ولا بأس بأن نختم بكلمة لابن تيمية تستحق أن تُكتب بماء الذهب، وأن يستحضرها الشباب الإسلامي في معاركه ومناظراته الحالية .. قال ابن تيمية: " إن العدل واجب لكل أحد، على كل أحد، في كل حال، والظلم محرم مطلقا لا يباح بحال "[67] .

الباب الخامس

ا لخا تـمـة

أ. الخلاصة

كانت التربية الإسلامبية تربية واعية, هادفة, وقدوضع الله أسسها في هذه الشريعة لجميع البشر. أن التربية الإسلامية هي : تنميه فكر الإنسان وتنظيم سلوكه, وعواطفه, على أساس الدين الإسلامي.

وبذلك تكون الغاية النهائية للتربية الإسلامية هي تحقيق العبودية لله في حياة الإنسان الفردية والإجتماعية.

وفي ضوء عناية الإسلامية بالتربية وأهدافها فقد أمكن تصنيفها إلى هد ف عام وأهداف فرعية نشير إليها في السطور التالية :

أولا : هدف عام ( العبودية )

تهدف التربية الإسلامية إلى تنثئة وإعداد الإنسان الذي يعبد الله تعالى ويخشاه فيكون مسلما عابدا عالما عاملا مؤتمرا بأوامر الله.

ثانيا : أهداف فرعية

وهي أهداف تنبثق من الهدف العام للتربية الإسلام وتشمل الأهداف الخلقية إليها على النحو التالي :

أ‌. الأهداف الخلقية :

وهي الأهداف التي تعني بكمال الخلق وتزكية النفس واستقامة السلوك, فتربي المسلم على عمل الطاعات والخيرات والتزام الأخلاق التي ترتقي به في الحياة, وتضمن له السعادة في الأخرة مثل : الصدق والأمانة والوفاء والعفة. والأهداف الخلقية تؤكد على مايلي :

o تربية المسلم على ممارسة السلوك الذي يعكس الأخلاق الإسلامية.

o تربية المسلم على حسن التأسي والإقتداء باالنبي في خلقه قولا وفعلا وكان عليه السلام خلقه القران يقول تعالى : وإنك لعلى خلق عظيم[68] وفي الحديث الذي يرويه أبو هريرة عن النبي قال : إنما بعثت لأتمم مكارن الأخلاق.

o تزكية نفس المسلم وتنقيتها مما يشوبها.

o تربية المسلم على الإخلاص وحسن المراقبة لله عز وجل فيعبد الله كأنه يراه.

ب. الأهداف الإجتماعية

ويمكن تحديد الأهداف الإجتماعية للتربية الإسلامية على شالنحو التالي:

v تنمية مهارات العمل الجماعي.

v التأكيد على الممارسات الاجتماعية التي تحتاج الأمة الاسلامية ويدعو إليها الإسلام مثل : التعاون, والبر, ةالبذل, والمساواة, وصلة الرحم, وإصلاح ذات البين.

v تكون الشعور بالمسئولية الإجتماعية.

v معالج الأراض الجتماعية التي تفكك أوصال المجتمع مثل : عقوق الوالدين, قطيعة الرحم, الجريمة, الحسد, السحر, وغير ذلك.

وينعكس تحقيق الأهداف الإجتماعية للتربية الإسلامية على الفرد و المجتمع بتحقيق ما يلي :

زيادة معرفة المسلم بأحوال إخوانه من المسلمين البائسين والمحتاجين.

v خلو المجتمع من الأمراض الإجتماعية مثل : عقوق الوالدين، قطيعة الرحم، البغي، الجريمة، الـتـناحر ...

v تحقيق مبدأ التكافل الاجتماعي، وضمان حد الكفاية لكل فرد.

v شيوع المحبة بين أفراد المجتمع.

v احقيق نهضة اقتصادية للمجتمع حيث تقل أو تنعدم السرقات والرشاوى والربا.

ج. الأهداف العقلية والمعرفية

ونشير إلى اهم الأهداف العقلية والمعرفة للتربية الإسلامية على النحو التالي :

v العناية اللغة العربية

v تدريب العقل المسلم على المنهجية العلمية في التفكير.

v تنمية الميول الإيجابية لدى المتعلم نحو التربية المستمرة.

v تكون العقلية الناقجة.

v التأكيد على التربية الحوار.

v تنمية المهارات القراءة, فالقراءة أهم أدوات المعرفة.

v تنمية القدرة على استخدام التقنيات الحديثة.

v العناية بالترجمة وتعريب العلوم المختلفة.

v رعاية الموهبين في المجالات المختلفة.

د. الأهداف الوجدانية والنفسية

وتتمثل فيما يلي :

v تنمية الثقة في النفس لدى المسلم.

v إشعار المسلم بقيمة وكيانة دال المجتمع.

v تنمية الشعور بالحاجة إلى الإيمان.

v تنمية الإحساس بالجمال لدى المتعلم.

v إرشاد المتعلم إلى نوع العلوم التي تناسب طاقة واستعدادته.

هـ. الأهداف الإقتصادية

ومن أبرزها ما يلي :

v تربية المسلم على الإعتدال في الإنفاق قدر الحاجة والضرورة وتجنب الإسراف.

v تنمية الاتجاه الإيجابي نحو الإدخار والتوفير.

v تنمية القدرة على التخطيط للدخول في مشاريع تجارية يحتاجها المجتمع الإسلامية بشكل عام.

v إعداد الشخصية المنتجة لا المستهلكة.

ومن أبرز القضايا التربية الاسلامية التي ركز عليها ابن تيمية :

1. التربية وتنقيه العقيدة

ربط ابن تيمية بين التربية والعقيدة النقية الصحية فأكد على : منع التقرب إلى الله تعالى بالموت وزيارة قبور الصالحين, لأن هذا يخل بالعقيدة ويشوه تربية المسلم, بالموت لا يملكون لانفسهم نفعا ولا ضرا.

2. التربية على العبودية لله

يرى ابن تيمية ان العبودية الصحيحة الساملة تؤدى بالإنسان إلى تحقيق الكمال التربوى, والعبادة من وجهة نظره نوعان :

أ. عبادة دينية

ب. عبادة كونية

أن التربية الإسلامية لها أهداف يربط بها المسلم, وهي أهدف تشمل الفرد ية الأمة والعالم, وهي كما يلي :

1. إعداد وتربية الفرد المسلم.

ب. تكوين الأمة الإسلامية والعناية ببنائها بناءً متكاملا.

ج. الدعوة إلى الإسلام في العالم.

منهج دراسي عند ابن تيمية

1. مجال العلوم الدينية و العلوم العقلية

3. مجال العلوم العسكرية

4. مجال الصناعات

أ. أهم الأراء التربية عند إبن تيمية

ومن أبرز القضايا التربية الاسلامية التي ركزعليها ابن تيمية:

1. التربية وتنقيه العقيدة

2. التربية على العبودية لله

يرى ابن تيمية ان العبودية الصحيحة الساملة تؤدى بالإنسان إلى تحقيق الكمال التربوى, والعبادة من وجهة نظره نوعان :

أ. عبادة دينية : وتعنى بالجانب التعبدي الذي تنتظم معه علاقة المسلم من صلاة وصيام وزكاة وحاج, وكذلك بالجانب الإجتماعى الذى تنتظم معه علاقة الإنسان بغيره من الناس, وذلك ميدان العلوم الدينية والإجتماعية.

ب. عبادة كونية : وتعنى بمعرغة أسرار الكون واكتشاف كنهه وقوانينه ولهذه العبادة أثرها في تحقيق الخضوع لله عزوجل والإيمان به, وذلك ميدان العلوم الطبيعة.

طرق التربية وأساليـبها عند ابن تيمية

يرى ابن تيمية أن للتربية طريقتان هما :

أ. الطريقة العلمية : وهي صحة النظرفي الأدلة وتقوم على ثلاثة أمور :

الأول : صحة أداة التعلم وهي القلب, والأصل في القلب أنه مفطور على التصديق بالحق والخير والانجذاب إليهما, ومعرفة الباطن والشر والنفور منهما.

الثانى : الإحاطة التامة بموضوع التعليم, بالمعرفة الجزئية أخطر من الجهل.

الثالث : توفير فرص التطبيق العلمي للعملي وقد انتقد ابن تيمية الأسليب التعليمية التي شاعت في زمانه واعتبرها تراكيب نظرية تعتمد على القياس والمنطق ولا تفيد في الأصول إلى القيقة أوتصورها.

وأما أساليب, قدم فيها ثلاثة أساليب :

الأول : أسلوب الحكمة : وبه يتمكن المتعلم من التميز بين المأمور والمحظور والحق والباطل.

الثاني : أسلوب الموعظة الحسنة : ويناسب ألئك المتعلمين من الوؤمنين بالعقيدة الصحيحة ولكن لا يعلمها بها.

الثالث : أسلوب الحوار : وبناسب المنكر للعقيدة ولا يمارسونها.

ب. طريقة الإرادة : وهي الطريقة الموجبة للعمل وتقوم على ثلاثة أمور :

الأول : الوقوف على ماهية الإرادة وهي قوة الرغبة التي تحرك الإنسان نحو معين وتكون نتيجة للتوزن بين ثلاث قوى : القوة العضلية, وقوة الغضب, وقو الشهوة. والإرادة مفطورة على التحرك بمقاصد كريمة.

الثاني : المقاصد التي تتحرك نحو ها الإرادة.

الثالث : بوفيلر البيئة المناسبة لتربية الإرادة, وهذا يتطلب تعاون المؤ سسات التربية لنوفير هذه البيئة, وقد وضع ابن تيمية عدة مواصفات للبيئة الإجتماعية المنشودة ومن أهمها : طمس المعاصي والرذائل والشرور ومنع انتشارها.

ب. الاقتراحات

من خلال هذا البحث العلمي بحث الباحث كثيرا عن التربية نظرا إلى رأي ابن تيمية من هو واحد من العلماء المشهورة في التربية, فمن هذا البحث وجد الباحث كم من الملاحظات المذكورة سابقا. ففي هذا الباب سيقدم الباحث عديدة الإقتراحات ما تتعلق بهذا الموضوع, لعل يستفيد علينا ومنها :

· الأولى منها موجهة إلى آباء المتعلمين كي يراعي كمية وكيفية التربية الروحية والجسدية ماهما مصدر من مصادر مصالح سلوكيتهم.

· وإلى شباب المسلمين حب العلم العميق عن طريق الإتباع بما ورد من الرسول وما بينها العلماء بآرائهم ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية ما بين الباحث عن آرائها, هو أحد من العلماء وورثة الأنبياء ونرى ذلك من ثقته في حفظ العلم الصحيح فيما لو أدخله الناس السجن.

· ومن العلوم النافعة أن يجعل الطالب تاريخ العلماء قدوة وأسوة في فهمهم وعزمهم ومراعاتهم وحماستهم وغيرها مما يحافز الطالب إلى مصالح الأعمال, فللمعلمين أن يراعي هذه القضية حيث يعلم المتعلم ويصور لهم دور العلماء في التربية حتى يحبوهم ويتبعوهم.

وأخيرا, أسأل الله التوفيق بما ورد في هذا البحث من الحسنات فإنها منه وأستغفره من الخطئات, ونفعني وإياكم بها آمين...

المصادر و المراجع

v القران الكريم, دمشق, دار المعرفة, 8 \ 2 \ 1424 هـ

v ابن تيمية, منهاج السنة النبوية, (مكتبة ابن تيمية, القاهرة) .1409 -2005 م ط 2.

v ابن تيمية, مجموع الفتاوى, (دار عالم الكتب), س.1412 هـ. 1991 م

v ابن تيمية, التفسير الكبير, (بيروت, دار الكتب العلمية)

v ابن كثير, البداية والنهاية, ( دار الفكر بيروت) س. 1398 هـ.

v الإمام البخاري, الأدب المفرد, (بيروت- لبنان, دار المكتبة الحياة) 1980 م.

v عبد الرحمن النحلاوي, أصول التربية الإسلامية (دار الناشر الدولى الياض), 1427 هـ - 2006 م, ط.1

v الدكتور صلاح الدين المنجد, شيخ الإسلام ابن تيمية,( بيروت, دار الكتاب الجديد) 1976م , ط.1

v الدكتور عبد الرحمن الخالق بن خجر الغامدي, مدخل إلى التربية (الرياض, دار الحريجي), 1418 هـ , ط.1

v الدكتور محمد عبد السلام العجمي, التربية الإسلامية الأصول والتطبيقات, (دار الناشر الدولي), 1427 هـ - 2006 م, ط,1.

v محمد أحمد درنيقة و سوهام توفيق المصري, ابن تيمية والصوفية, (بيروت, مكتب الإيمان) 1413 هـ - 1992 م, ط. 1

v مرعي بن يوسف الرمي الحنبلي, الشهادة التزكية في ثناء الأئمة على ابن تيمية,( دار الفرقان) 1405 هـ, ط.2



.[1] الأحزاب : 72

[2] . النساء : 65

[3] . سورة العصر : 1-3

[4] . ابن تيمية في التفسير الكبير : 25

[5] . محمد أحمد درنيقة و سوهام توفيق المصري في ابن تيمية والصوفية : 29

[6] . التفسير الكبير : 39

[7] . التفسير الكبير :6-9

[8] . محمد أحمد درنيقة و سوهام توفيق المصري في ابن تيمية والصوفية : 46-47

[9] . محمد أحمد درنيقة و سوهام توفيق المصري في ابن تيمية والصوفية : 48

[10] . الإمام ابن تيمية في التفسير الكبير , الرقم : 56- 63

[11] . ابن كثير, البداية والنهاية, ج 14, ص 135 طبعة دار الفكر بيروت 1398 هـ

[12] . محمد بهجة البيطار, حياة شيخ الإسلام, ص 18

[13] . شذرات الذهب, ج 6, ص 82-84

[14] . البداية والنهاية, ج 14, ص 148

[15] . الروم : 39

[16]. في تفسير, أنوار التنزيل وأسرار التأويل. (أصول التربية الإسلامية: عبد الرحمن النحلاوي)

[17] . مدخل إلى التربية : محاضرات لطلاب السنة الأولى في كلية العلوم الإجتماعية لسنة 1394 هجرية

.[18] أل عمران : 83

[19] . أل عمران : 19

[20] . أل عمران : 85

[21] . الزمر : 11-12

[22] . عبد الرحمن النحلاوي : أصول التربية الإسلامية : 17

[23] . الأحزاب : 72

[24] . النساء : 65

[25] . سورة العصر : 1-3

[26] . القران سورة الذاريات : 56

[27] . عبد الرحمن النحلاوي : أصول التربية الإسلامية, 107-108

[28] . د. محمد عبد السلام العجمي : التربية الإسلامية الأصول والتطبيقات, 29

[29] . الذاريات : 56

[30] . فاطر : 28

[31] . متفق عليه

[32] . القلم : 4

[33] . امام البخاري و أحمد و حاكم

[34] . اَداب المفرد

[35] . ال عمران : 190

[36] . فصلات : 53

[37] . د. محمد عبد السلام العجمي في التربية الإسلامية الأصول والتطبق.

[38] . د. عبد الرحمن النحلاوي في إصول التربية الإسلامية

[39] . الحجر : 6

[40] . البقرة : 285

[41] . د. محمد عبد السلام العجمي في التربية الإسلامية الأصول والتطبق

[42] . عبد الحمن النحلاوي في إصول التربية الإسلامية

[43] . الإسراء : 9

[44] . الأنفال : 2

[45] . الشمس : 7-10

[46] . الأعراف : 179

[47] . الدخان : 38-39

[48] . النساء : 113

[49] . النساء : 80

[50] . التربية الإسلامية, ص 41-43

[51] . التربية الاسلامية : 44

[52] . سورة الإسراء ، الآية 36

[53] . سورة المائدة ، الآية 8

[54] . سورة النساء ، الآية 135

[55] . ابن تيمية: مجموع الفتاوى 28/179

[56] . الفتاوى12/205

[57] . سورة الحديد، الآية 25

[58] . الفتاوى 3/409

[59] . ابن تيمية: منهاج السنة 2/71

[60] . منهاج السنة 4/358

[61] . مجموع الفتاوى 4/513

[62] . منهاج السنة 5/83 وقارن مع الفتاوى 19/203

[63] . ابن تيمية : درء تعارض العقل والنقل 8/409 (وحديث "القضاة ثلاثة .." رواه بألفاظ مختلفة : الحاكم 4/101 والبيهقي في الكبرى 10/117 وفي الشعب 6/73 والترمذي 3/613 والطبراني في الأوسط 7/39 وفي الكبير 2/21)

[64] . مجموع الفتاوى 11/43

[65] . منهاج السنة 2/343

[66] . منهاج السنة 4/337

[67] . منهاج السنة 5/12

[68] . القلم : 4

Tidak ada komentar:

Posting Komentar